تساءل بعض الرجال مرة :"هل يمكن لرجل مثقف ثقافة عالية أن يرتاح بالزواج من فتاة جاهلة جهلاً مطبقاً؟..وهل يكفي أن تكون جميلة لكي يسعد بالعيش معها..؟"يبدو أن القضية تعتمد على ما يتوقع الفرد وما ينتظره من هذا الزواج.. يقول فينك إن الفرد – عريساً كان أو عروساً – "الذي يعرف ما يريد من الزواج,والذي فكر في الطرق والأساليب التي يحقق بها حلمه,يكون لديه أكبر أحتمال في أن يحتفل بعيد زواجه الخمسيني الذهبي..أما الذي ينجرف الى الزواج انجرافاً فيكون لديه أكبر أحتمال في أن ينجرف الى محاكم الطلاق..". وقد أختلف الناس فيما يريدونه من الزواج,وفي الشروط التي تتوفر عند انتقاء الشريك,فمنهم من يختار الجمال أولاً وآخراً باعتبار أن روعة الجمال تأتي من القابلية الكامنة فيه على إثارة اللذة والألم معاً..
وقد مر زمن كانت المرأة "ترى خطيبها من الشباك مراراً,والرجل يعرف بوساطة أمه أو أخته أوصاف خطيبته,مثل سواد شعرها وبياض خديها وضيق فمها واعتدال قوامها ورزانة عقلها وما أشبه ذلك..". ويقول آخر:صحيح أن الطبيعة تلعب دورها في أختيار شريك الزوجية,ولكن الواقع أن الذي يختار حقاً هو المال والمستوى الاجتماعي,لا الجمال وعواطف الحب..وكثيراً ما يكون للظروف المكانية دور في تقوية الجاذبية حسب رأي البروفسور نيوكم من جامعة مشيغن.فهو يقول:"تزداد الجاذبية كلما كثر الاتصال وقصرت المسافة..في البلد أو المحلة أو الجوار.."ولهذا يستنتج "أن هنالك صلة متواترة بين تقارب السكن والزواج..فكلما ازداد التقارب كلما ازداد احتمال الزواج..فيما إذا ظلت بقية العوامل ثابتة.." و"كلما ازدادا التبادل العملي (أو التعامل) بين شخصين أو أكثر,ازدادت درجة ود بعضهم البعض..".
إن كثرة الاتصال تفتح الابواب لعوامل أخرى,وتفسح في المجال للعقد النفسية لأن تعمل عملها وتؤثر في سلوك جميع الأشخاص المعنيين.لهذا يلزم أن نضيف الى عبارة البروفسور نيوكم: شرط أن تظل بقية العوامل ثابتة ايضاً.. هنالك عامل سايكولوجي آخر يلعب الدور الهام في انتقاء شريك (أو صديق) الزوجية..فقد توصل الباحثون في علم النفس الى "أن ما يقرر زواج رجل وامرأة هو قابلية كل منهما لإرضاء الرغبات النفسية للآخر.." وما يحتاج إليه كل واحد منهما يعتمد كلية على الفروق بينهما..فما يفتقده واحد منهما يملكه الآخر كالنقص النفسي الذي يجد عوضه عند ذلك الشريك..فإن كان النقص الذي يشعر به هذا الرجل,مثلاً,هو الحاجة الشديدة الى أم ترعاه وتدبر شؤونه,وإذا كانت المرأة تشعر بحاجة ملحة الى أن تمثل الأم من حيث الرعاية والحنان والتدبير..فإنهما كليهما قد وجدا في الزواج ما ينقصهما.. ولكن إذا كانت مشاعر النقص متفاوتة بصورة كبيرة,والاختلاف في التفكير والعادات يختلف اختلافاً حاداً,صعب التوافق..لأن التفاوت الكبير بين الزوجين – إن كان بهذا الشكل – يسبب نشازاً لا ألفة,ويشكل أكثر من سبب لجعل الحياة الزوجية جحيماً لا يطاق..إن مثل هذا التفاوت يسد العديد من منافذ النور والانسجام التي تنعش الحياة وتنفث فيها اللذة والسعادة.. ولهذا يعتقد شو أن "الناس الذين يختلفون في العادات والأخلاق لا يستطيعون أن يعيشوا مع بعضهم البعض.".